سلسلة " لا تخافوا ولكن احذروا"
جزء ١" طعنة غدر"
بقلم مروة حمدى
تململت فى فراشها اثر تلك الأصوات العالية التى تصل إلى مسامعها من الخارج، لتتحدث بتذمر وهى تحرك يدها بعشوائية فى الهواء
هشش، هشش، ايه الدوشة ال على الصبح بدرى دى يا ماما، عايزة أنام.
لم تكد تنهى جملتها ليصدح صوت هاتفها بالارجاء، لتتلقفه من جوارها على عجاله تقم بغلقه دون أن ترى على الاقل هوية المتصل متمتمه.
_ناقصاك انت كمان أصله.
قالتها وهى تضع الوسادة على رأسها، حتى يمكنها إكمال نومها بهدوء لم تمر ثانية واحده ليفتح باب غرفتها بشده وأعصار مدوى يدلف منه يرفعها من خصلات شعرها التى أحكم القبض عليها جاعلا إياها تقف قبالته يصرخ بها بغضب: وكمان جايلك نفس تنامى يا ح*ق*** بعد ما خليتى سيرتنا على كل لسان.
اعقب حديثه بصفعة مدوية على وجهها التف على اثره للجهة الاخرى.
لتصرخ والدته به والتى دلفت خلفه، تحاول ازاحه يده عن راس شقيقته التى يطالعها بنظرات غاضبة مخيفة أسرت الرعب بجسد تلك الصغيرة التى تبادله إياها بخوف وصدمه لا تفهم شيئا حتى الآن، ولما يطالعها اخاها الحنون بتلك النظرات القاتلة ولم صفعها من الأساس وهو الذى لم يفعلها يوما ولو على سبيل المزاح.
الام: شيل ايدك من على اختك يا خالد، حرام عليك يا بنى أختك مظلومة.
خالد: هى ولا مش هى يا أمى.
نظرت الأم باستجداء للأب الواقف أمام باب الغرفة بأعين دامعه ووجهه كبر على عمره عشرات السنوات وقد انحنى ظهره فجاءة: ما تتكلم يا حج على.
حج على: اتكلم اقول ايه لله الأمر من قبل ومن بعد.
الأم: يا بنى تلاقيه سوء فهم او حد ابن حرام عامل فيها مقلب.
خالد وهو يهزها بعنف: وايه ال يخلى حد ينتقم من بنت بالطريقة دى الا واذا كامت عملاله نصيبه .
الام: يا بنى نفهم منها الاول.
خالد: وانا لسه هستنى لما افهم يا أمى ال زى دى موتها أكرم ليها ولينا.
اتسعت عيناها على الأخير وقد ربطت بعض الأمور بعقلها بأن هناك خطب ما خاص بها يعتبر كارثة اقترفتها هى بالتأكيد عن غير قصد، لتمسك بيد اخاها الممسكة بفروة رأسها التى أوشكت ان تقتلع بيده متجاهلة المها والم وجهها تدافع عن نفسها عن ذنب لا تعرف ماهيته حتى الآن.
_انا معرفش حضرتك بتتكلم عن ايه يا ابيه؟ وصدقني لو فى اى غلط انا عملته فأنا مكنتش اقصد حقك عليا والله غلطة ومش هتتكرر تانى، انا اسفة انا اسفة.
ختمت حديثها بدموع نابعه من خوفها وحسرتها شاركتها إياها والدتها التى بكت على اى حال سيؤل مصير عائلتها كنزها وذخرها للزمان .
خالد بنبرة متألمة ساخرة: اسفة؟! عادى كده؟ اسفة على ايه ولا ايه؟ على ابوكى ال مش هيقدر يرفع رأسه تانى وسط الناس بعد ما سيرتنا بقت على كل لسان، على فضيحتنا فى كل حته على العار ال ركبتهولنا للممات.
علا بصراخ واستجداء وهى تكاد تفقد عقلها: حد يفهمني انا عملت ايه لده كله؟
خالد وهو يخرج هاتفه بيده الحره من جيبه يفتحه شاشته يعبث به لثوانى ثم يضعه امامها مقربا وجهها من شاشته.
خالد وهو يجز على أسنانه: انتى دى ولا مش انتى؟ انطقى؟
بلعت ريقها برعب وقد اصفر وجهها كمن سكب عليه لون اصفر هوى قلبها أرضا عيناها تكاد تخرج من مقلتيها وقد شلتها الصدمة عن الحديث ، أمسكت الهاتف بكلتا يديها عينيها مثبته على شاشته لا يرمش لها جفن وقد افلتها خالد من يديه يحدثها برجاء وتمنى: قولى ان ده كدب، قولى ان دى مش انتى وانها واحده غيرك قولى ان الفيديو ده متفبرك قولى اى حاجه غير ان دى إنتى.
حادت بعينيها عن الهاتف ناظرة لأخاها بأعين فارقتها الحياة وقد ارتعشت كل خليه بجسدها ليسقط منها الهاتف على الفراش: دى انا والفيديو ده حقيقى.
انهت جملتها واستجابت لتلك الدوامة السوداء التى سحبتها لتهوى على الفراش اسفلها تزامنا مع سقوط والدها ارضا، لتصرخ الام برعب تقف فى المنتصف ما بين زوجها وابنتها ودموعها لا تتوقف وهى تصك على وجنتيها بقهر وخوف، ليتجه خالد إلى والده المسجى على الأرض، حمله وادخله إلى غرفته حاول افاقته ولكنه لم يستجيب ليهبط سريعا لإحضار الطبيب .
طرقات عالية متتالية على الباب جعلتها تقم من مجلسها بتذمر وتوعد لذلك الطارق وهى تتمتم بسخط: ما تصبر ياللى على الباب انت بتخبط ولا بتطبل هى الدنيا هتطير ! وجاي فى اهم مشهد فى الحلقة مكنتش قادر تصبر شوية يا ساتر والله لو فى الاخر طلعتوا انتوا يا جيران الهم يا اولاد هند لأكون....
فتحت الباب عقب اخر كلمة لتتوقف عن الحديث تشهق بفرحة وعيناها تتسع من السعادة تهمس باسمه: قاااسم.
فتح ذراعيه لها: وحشتينى يا أمى.
ألقت بنفسها بيت ذراعيه وهى تبكى ليحتضنها وهو يربط على ظهرها كطفل صغير.
نعمات: وحشتنى وحشتنى يا نور عينى.
قاسم : واهو رجعتلك يا ست الكل ومش هفارق حضنك ابدا.
الام وهى تخرج من احضانه بفرحه غير مصدقة: والنبى مش هتسافر تانى؟
قاسم وهو يدخلها وهو خلفها مغلقا الباب: لا يا أمى، الحمد لله كفاية اوى سبع سنين غربة ربنا كرمني واخدت الدكتوراة و اشتغلت فيهم فى اكبر المستشفيات اكتسبت فيهم خبرة كافية تخليني ارجع بلدى وافيد أهلها بال قدرت اوصله.
الام: دعيالك دايما يابن بطنى يا رافع راسى يعلى مراكبك كمان وكمان يارب.
قاسم وهو يمسح على معدته المسطحة: وحشنى اكلك اوى يا ست الكل.
الام: يا ضنايا يابنى، حالا احلى أكل من تحت ايدى ليك، بس المفروض كنت قولت انك جاى يا نور عينى كان اخوك ولا أبوك استقبلوك فى المطار وكنت حضرتلك كل الاكل ال بتحبه.
قالتها وهى تدلف إلى المطبخ على عجاله.
قاسم: كنت عايز اعملها لكم مفاجئة .
ليجلس على الاريكة التى كانت تجلس عليها والدتها يضحك بخفه يعلى بصوته: سبع سنين مشيت ورجعت وانتى لسه بتتفرجى على نفس المسلسل " لن اعيش فى جلباب أبى" مزهقتيش يا أمى؟!
الام من الداخل : انهاردة فرح بهيرة.
أطلق لضحكاته العنان لينظر إلى الشاشة أمامه وهو يهز رأسه بقله حيلة، لفت انظاره الهدوء المخيم على المكان على غير العادة، نظر إلى ساعة يده وجدها الواحدة ظهرا .
قاسم: آمال البيت هس هس كده ليه فين البت رحاب والواد فتحى وبابا مش المفروض معاش يعنى قاعد جنبك زى ما كنتى بتحلمى يا نعنع راح فين؟
صمتت لا تعرف ماذا تقول له، آثار صمتها الغير معتاد منها ريبته، ليلحق بها إلى المطبخ نظر لها بحيرة وهى تحادث نفسها بهمس.
نعمات: اقوله ولا ما اقولوش، ما هو كده ولا كده هيعرف، بس الواد لسه جاى من سفر هغم نفسه على حاجة زى كده حتى يرتاح الاول، منك لله يا بعيدة.
"تقوليلى ايه يا أمى"
فزعت فى مكانها لتبصق داخل ملابسها متمته: بسم الله الرحمن الرحيم كده برضه يا قاسم تخضنى كده يا ابنى.
قاسم: فى ايه يا أمى رحاب كويسة؟ فتحى وابويا كويسين؟!
نعمات وهى تكبر فى الهواء: الحمدلله مشاء الله عليهم بخير وزى الفل بس بس.
قاسم: ما تقلقنيش يا أمى قوليلى فى ايه؟
نعمات: عمك ومقصوفة الرقبة بنته هما ال مش كويسين.
قاسم وهو عاقد لحاجبيه: عمى وعلا؟ مالهم؟ تعبانين ولا ايه؟ ولو كده انتى مروحتيش معاهم ليه؟
نعمات وهى تترك ما بيدها: اصلى لو روحت هشمت فخلينى فى بيتى احسن.
قاسم: تشمتى؟ ليه؟ ما تقوليلى يا أمى وفهمينى فى ايه؟
نعمات وهى تخرج هانفها وقد قامت بفتحه ووضعته بين يديه: دى حاجات ما تتقلش يا قلب أمك، تتشاف.
حاد بنظراته المتسائلة عنها إلى ما بين ايديا لتفتح اعينه على وسعها وهى يرى فتاة إلى حد كبير تشبه ابنه عمه علا اذا لم تكن هى تتمايل وتتراقص باحترافية على أحد المقاطع.
لينظر إلى والدته: معقول، دى علا؟
نعمات وهى تهز براسها: ايوه هى هباب البرك، صحينا الصبح لاقينا الفيديو ده مبعوت لينا وللجيران وجيران الجيران كمان.
قاسم بداخله: اكيد فى حاجه غلط، معقول؟ علا؟!
اغمض بعينيه لبرهه ثم فتحهم وأعاد النظر الى والدته: بابا هناك دلوقت؟
نعمات: ايوه ، اصل عمك مستحملش فقام وقع من طوله والبنت السهونه عاملة فيها مجنونه وقال ايه جالها انهيار عصبى.
قاسم وهو يوليها ظهره: انا رايح بيت عمى.
نعمات: استنى مش هتاكل الاول.
قاسم وهو ينظر لها بلوم وعتب: تفتكرى ده ظرف ينفع اقعد واكل فيه براحتى يا أمى؟!
ما هم بالتحرك خطوة حتى وقف وتابع حديثه: المفروض كنتى روحتى يا أمى الظرف ال فيه بيت عمى يمسنا كلنا محدش بيشمت فى روحه ولا ايه؟
هم بالتحرك لتوقفه هى: استنى انا جاية معاك.
قاسم :اتفضلى البسى هستناك.
نعمات: وهو الاسدال قصر فى ايه؟ ده بيتهم العمارة ال جنبنا. قالتها وهى ترفع اسدالها عن الاريكة ترتديه على عجاله تسير خلفه.
فى منزل الحج على الوضع إلى حد ما جنائزى، يجلس بغرفة المعيشة كلا من خالد وعمه وابن عمه ورحاب ووالدته بالداخل تساعد الطبيب، صمت قاتل مخيم على المكان، قطعه صوت جرس الباب ، لم يهتم خالد من الأساس لينظر حج كمال إلى ابنته رحاب يشير لها بفتحه، اؤمات براسها، فتحت الباب لتجد اخاها يقف قبالتها والى جواره والدتها.
رحاب بغير تصديق: أبيه قاسم!
ابتسم لها ابتسامه صغيرة لتلقى نفسها بين ذراعيه ودموعها تسيل على وجنتيها.
الاب من الداخل: مين يا رحاب؟
"انا يا والدى"
بالبداية لم يصدق أذنيه عندما تناهى إلى آذانه صوت ابنه الغائب، ولكن نظرات ابنه فتحى المثبته خلفه جعلته يميل برأسه بقلب مشتاق، ليبتسم ابتسامه صغيرة بفرحة على رجوع بكريه امتزجت بحزنه على الظرف الذى تمر به العائلة لينطق بلهفة: قاسم ابنى.
اقترب منه سريعا يقبل يده ليربط الآخر على ظهره: شفت ال حصلنا يا قاسم.
فتحى بعصبية: واحنا مالنا.
نظر له قاسم سريعا باستهجان ليبلع فتحى ريقه بخوف من نظرات أخيه الأكبر.
قاسم: ازيك يا فتحى.
فتحى وهو يقترب منه يهم باحتضانه: حمد الله على السلامة.
اوقفه قاسم باشارة من يده: مش وقته يا فتحى.
جلس إلى جوار خالد الجالس على الاريكة مثنى الجزع يسند وجهه على مرفقيه وعينه تاره مسلطه على باب غرفة والده الغائب عن الوعي والطبيب لديه منذ فترة وتارة على غرفة أخته بجوارها التى وبالرغم من حقنة المهدئ التى أحذتها لا تزال تستيقظ كل بضع دقائق تصرخ وتعود للنوم من جديد.
وضع يده على كتفه يهزه: خالد.
رفع نظره ببطء من على الغرفة لذاك الجالس إلى جواره، لمعت عيناه بالدموع لرؤيته لرفيق طفولته وصباه ابن عمه اخاه الجالس الى جواره، اخرج حروف اسمه بصوت متحشرج: ق ا سم.
لم يمهله وقت لياخذه بين ذراعيه، ليطلق الاخر لدموعه العنان.
قاسم: أهدى يا خالد.
خالد: بابا ، علا.
قاسم وهو يخرجه من بين ذراعيه: هتتحل كل حاجه وليها حل.
خالد بتيه: ازاى؟ ازاى؟
هم قاسم بالتحدث ليقاطعهم صوت فتح الباب وخروج الطبيب وخلفه عديلة، هرعوا إليه.
خالد: دكتور محسن طمئنى ارجوك، بابا حالته ايه؟
الطبيب باسف: هو فاق دلوقت، دى كانت بوادر جلطة بس الحمدلله لحقناها.
تنفس الجميع الصعداء ليكمل الطبيب: الحج على رفض يتنقل المستشفي ياريت تقنعوه هناك هيتلقى رعاية لازمه هيحتاج لها الساعات ال جايه لأنها هتكون حرجه ممكن تحصل انتكاسة فى اى وقت وبالأخص عامل الحالة النفسية والجو هنا مش مناسب بالمرة وبالذات بسبب ال ام احم اقصد الفيديو.
حركت نعمات شفتيها بالاتجاهين متمته بهمس: يختتتى حتى الدكتور ال بيجى العيادة يومين فى الاسبوع وصله الفيديو.
قاسم: هنحاول معاه يا دكتور ولو أصر كلنا هنكون حواليه نهتم بيه ونراعاه.
الطبيب بإماءة من رأسه: الف سلامة عليه وحمد الله بسلامتك يا دكتور قاسم.
قاسم وهو يسير الى جواره: شكرا لحضرتك يا دكتور.
بفزع فتحت عيناها الدامية تنظر حولها بهلع لتجد نفسها وحيدة بالغرفة تحاول إخراج صوتها تنادى عليهم، تهمس بصوت مبحوح ماما خالد بابا خالد خالد.
تحاملت على حالها لتقف من على الفراش بوهن تستند على ما يقابلها حتى امسكت بمقبض الباب وهى لا تزال تهمس: اسمعونى، لازم تسمعوني.
توجهت الانظار نحو باب الغرفة التى فتحت، لتطل عليهم تدور بعيناها على وجوهوهم التى تباينت ملامحها من حزن برود احتقار.اعتصر الالم قلبها وهى ترى والدتها تحيد بنظراتها عنها تدفن وجهها فى صدر اخاها وعيناه ترسل لها آلاف السهام من اللوم والعتاب وخيبة الألم.
انعقد حاجبيها وارتسم الخوف جليا على ملامحها وهى تعاود النظر لهم من جديد بصوت مبحوح: بابا فين؟
لا رد سوا اغماض اخاها لعينيه وقد تحررت الدموع منها اخيرا.
لتعيد السؤال من جديد بقلب منتفض فزع: بابا فين؟
تولت زوجه عمها الإجابة عليها هذة المرة لتجاوبها ببغض وكره واضح بنبرة صوتها: ابوكى مستحملش النصيبه وقع من طوله وكان هتنزل عليه جلطة من تحت رأسك لولا أن ربنا ستر
لتكمل بتهكم :يا ست الدكتورة.
علا: بابا كان هتجيله جلطه بسببى انا ! انا!
نعمات: شوف البت، صحيح يعملوها ويخيلوا.
علا بتهته تنفى حديثها: انا انا معملتش حاجه معملتش حاجه.
فتحى باستهجان: ال فى الفيديو دى انتى ولا مش انتى؟
علا وهى مغمضة العينين: ايوه انا بس.
علت صوت شهقات والدتها عند اقرارها من جديد بانها هى بالفعل ولم تحاول حتى الإنكار ولو بالكذب، لتصيبها نوبه من نوبات الربو وهى تشعر بالاختناق علت صوت أنفاسها التى تحاول التقاطها بصعوبه.
خالد برعب: ماما، اهدئ اهدئ.
قالها وهو يجلسها على أقرب كرسى، اقتربت منها علا بهلع ليوقفها اخاها باشارة من يده ونظرات جحيميه لو كانت تقتل لأردتها فى الحال، بحث بين جيوب رداءها عن بخاخها فهى لا يفارقها حتى وجده ليضعه سريعا بفمها ورحاب تمسك بيدها تبكى بحزن خوف تستجديها: مرأت عمى امسكى نفسك والنبى ما تخوفناش عليكى انتى كمان.
علا برجاء: ماما، انا..
فتحى: انتى ايه؟ لسه ليكى عين تتكلمى.
علا بصراخ: يا ناس اسمعونى.
خالد بعصبية: مش عايز اسمع صوتك.
"بس انا عايز اسمع يا خالد"
كان هذا صوت قاسم عندما استمع لجملتها الأخيرة عند عودته بعد إحضار الأدوية التى أوصى بها الطبيب.
دارت بوجهها باتجاهه ببطء وأعينها تتسع شيئا فشيئا بصدمه لتهمس بأسمه بدون وعى: قاسم.
قاسم مقتربا منها منحها بسمة صغيرة مطمئنة كعادته السابقة يحدثها بنبرة حانية : قولى يا علا كل ال عندك انا سامعك..
صمتت مغمضة العينين بقلب ملكوم تستشعر يده التى تربط على كفها تحتضنه بحماية معهوده منه معها.
خالد: ايا كان ال هتقوله مظلومة او مذنبة معدش ليه لزوم خلاص اى كلام يتقال مالهوش اى لزمه.
قاسم بنفى: بالعكس يا خالد انا واثق أنها ضحية لعبة دنيئة ولازم نسمع منها علشان نفهم ونعرف مين ال عمل فيها وفينا كده.
ليشجعها قاسم على الحديث وهو يربط على يدها: اتكلمى يا علا قولى.
علا بخزى: انا ال فى الفيديو يا قاسم بس والله مش زى ما انتوا فاهمين.
قاسم وهو لا يزال على هدوئه فهمينا انتى.
بلعت ريقها بصعوبه وهى لا تقوى على رفع عيناها من الأرض: ممكن اشوف الفيديو.
نظر قاسم إلى والدته التى احضرت الهاتف له بعد تشغيل ذاك المقطع ليعطيه لها.
أمسكت به تشاهده باعين صامته دموعها لا تنضب لفت نظرها شئ ما به همت بالحديث ليوقفها تعليق زوجه عمها: انت لسه هتتفرجى.
اغمضت عينيها تستجمع شتاتها لترفع الهاتف بوجوهم : انا اه رقصت بس ال انتوا مش شيفينه او ال محدش حاول فيكم أنه يشوفه انا برقص وسط بنات وان ال قاعدين وظهرهم للكاميرا ال كان كل همها تصورنى انا وبس ومتظهرش بنت تانية غيرى كانوا بنات.
زوجه عمها : يعنى فرقت فى ايه؟ تلاقيكى كنتى فى فرح ولا حفلة ولا خروجه قولتى لما اطرى القعدة.
علا: المكان ال كنت فيه بنتك كانت معايا فيه.
زوجه عمها بانفعال: احترمى نفسك يا قليلة الرباية بنتى متربية كويس مش بتروح حته انا معرفهاش ولو كانت راحت معاكى مكان زى ده اكيد كانت هتقولى ومن الأساس مكنتش هتروح.
علا: بس هى كانت معايا ورقصت كمان بس زى ما قولتلكم الكاميرا كان كل همها تصورنى انا وبس.
خرج عمها عن صمته بانفعال: انا لو كنت ساكت فده خوف منى على اخويا ومش عايز ازود عليه بس ده ما يخليكش تدخلى بنتى فى ال قر ف ده علشان تبرئ نفسك.
قاسم: علا، انتوا كنتوا فين،؟
فتحى بعصبية: انت هتصدق كلام وحده رخ**** زى دى.
أمسكه خالد من تلابيب قميصه بغريزة فطرية يهم بكلمه لتمسك زوجه عمها يده تخلص ابنها وهو ينظر لقبضة ابن عمه برعب: ياخويا روح اتشطر على ال رامية بلاها على غيرها.
قاسم: امى سبع سنين غربة اتعلمت فيهم أن اسمع كل الأطراف للاخر واحكم بعدين.
قاسم وهو ينظر إلى أخته التى تفرك يدها بتوتر: صح الكلام ده يا رحاب.
رحاب وهى تقطف النظرات لذويها تاره ولابنه عمها تاره تهز راسها: ايوه يا أبيه .
والدتها نعمات وهى تصك على صدرها بيدها: يا نصيبتى.
علا بانهاك: ومش هى بس تقريبا كنا كلنا بترقص سوا.
خالد وقاسم بنفس الوقت: انتوا مين؟
علا: بنات الجيران كانوا معانا.
عمها بدون فهم : يعنى كنتوا فى فرح؟
علا وهى تنظر إلى رحاب ثم إلى زوجه عمها تتحدث بتهكم: هى بنتك كانت معزومة فى فرح امبارح.
"جاوبي يا علا ريحى قلبى"
التفت إلى الخلف على صوت والدها المتعب لتهرول له لتمسك بيده تقبلها وهى تعتذر منه: انا اسفة انا اسفة انا اسفة بس والله مظلومة مظلومة.
خالد وهو يسرع اليه: قومت من على سريرك ليه يا بابا وانت تعبان.
والده: سبنى اسمع منها يا خالد سبنى افهم اعرف بنتى خانتني وخانت تربيتى ليها ولا لا.
علا بدفاع عن نفسها أمام ابيها: بابا انا مكنتش فى فرح ولا حفلة وحد صورنى ، انا معملتهاش وانا صغيرة هعملها دلوقت ، انتوا لو بص لو ركزتوا ثانية وحده بس هتشوفوا معدات رياضية وأجهزة ورايا .
فتح كل واحد منهم شاشة الفيديو الخاص به ليتأكد، لتكمل هى بحسرة وهى ترى ثقتهم الواهية بحديثها لتستقر نظرها عليه وهو يناظرها هى لا سواها يهز رأسه لها بتشجيع حتى تكمل حديثها، كأنما اختفى كل شئ من حولها ولم يتبقى سواه، لتكمل.
_من فترة وزى ما كلكم عارفين فى جيم فتح اول الشارع وفى مدربه خاصة بالسيدات وانا ورحاب ومعظم بنات الشارع عاملين اشتراك فيه، امبارح كان عندنا تدريب، فضلنا نص ساعة مستنين والكابتن مجتش دخلت الموظفة وقالت إن الكابتن بتعتذر عن التاخير حصل ظرف طارئ وان قدامها كمان ساعة علشان توصل.
فتحى: ايه اللفة دى دخله ايه ده بالموضوع؟
قاسم بحده دون أن تحيد عيناه عنها: اسكت يا فتحى خليها تتكلم براحتها.
وبنبرة مخالفة تماما وجه حديثها لها: كملى يا علا انا سامعك.
البنات اقترحوا اننا نهيس شويه نضيع وقت بدل الزهق من القعدة، وحده اقترحت ان فى عروسة معانا فرحها قرب وعايزين نفرحها.
زوجه عمها: ليكنش قصدك على آلاء بت فتحيه.
هزت لها رأسها بتأييد.
وبدوا البنات يطبلوا على اى حاجه قدامهم ارض حيط ويغنوا وآلاء بقت فى النص واحنا حواليها بقت تضحك ومن فرحتها بقت بتتمايل يمين وشمال وتنط بقينا نضحك عليها واحنا لسه بنغنى ليها فضلت تسحب فينا وحده وتطلب مننا نرقص معاها واهو تتعلم حركة من اى وحده فينا على حسب كلامها.
ووقتها كلنا بقينا نرقص سوا معاها انا رحاب وباقى البنات.
هنا نظر قاسم إلى أخته لتؤيد الأخرى حديثها: ايوه حصل كلنا رقصنا مع بعض مش بس علا.
خالد بعصبية: وساكته من بدرى.
والدتها : يعنى ما قولتليش يا رحاب على الحكاية دى لما رجعتى وسالتك اتاخرتى ليه؟
رحاب: قولت لحضرتك ان الكابتن اتاخرت بس الهزار والضحك مع البنات مش حاجه مستأهله انى احكيها.
قاسم وكأنه قرأ أفكار خالد ليتحدث : وانتى لما شفتى الفيديو ما قولتيش ليه ان هى كانت معاكى وانكم كلكم كنتوا سوا؟!
رحاب: الصدمة وقفت دماغى ماشفتش قدامى غير فيديو لعلا وهى بترقص وبعدين اذا كان محدش فيكم خد لباله انها فى جيم عايزنى اركز انا أزاى؟
خالد: الكلام ال علا قالته ده حصل؟
هزت رأسها رحاب بإيجاب.
اغمضت علا عينيها بقهر من سؤاله الهذا الحد لا يثق بها!
ليأتى سؤاله التالى كطعنة سددت بمنتصف قلبها...
خالد:..